الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد فتحي الشامخي (خبير اقتصادي): على التونسيين أن يعوا أن سيادة البلاد مرهونة لدى قوى خارجية

نشر في  04 مارس 2015  (10:03)

 تضاعفت قيمة ديون الدولة التونسية لدى صناديق النقد العالمية وعديد الجهات الدائنة. وللحديث حول الانعكاسات السلبية لسياسة التداين التي تنتهجها الدولة التقت «اخبار الجمهورية» الاستاذ فتحي الشامخي الخبير الدولي في اقتصاد التنمية وعضو مجلس نواب الشعب.

استاذ فتحي بكم تقدر قيمة الديون التونسية للخارج؟
بلغ قائم دين الدولة التونسية 45 مليار دينار في موفى 2014 بما في ذلك 25.7 مليار دينار بمثابة ديون متخلدة من فترة حكم الرئيس المخلوع بن علي.
في ماذا يتم استعمال الاموال المتأتية من القروض؟
يذهب جزء من القروض التي تحصلت عليها تونس بعد 14 جانفي 2011 لخلاص ديون نظام بن علي بنسبة 83 بالمائة، اما القروض الجديدة فهي مؤجلة الدفع  ومن ذلك القرض الرقاعي الاخير بقيمة مليار دينار الذي ستقوم الدولة بإرجاعه دفعة واحدة بعد 10 سنوات. امّا الـ 17 في المائة المتبقية فإنها استعملت بالأساس في تزويد مخزون العملة الاجنبية لدى البنك المركزي، هذا المخزون سيستعمل في المنح السياحية وفي توفير صرف العملات الاجنبية لصالح التونسيين وللشركات الاجنبية التي يحتسب رقم معاملاتها بالدينار التونسي والتي توجه انتاجها للسوق المحلية  حسب ما نص عليه قانون 1993 المتعلق بالاستثمار الاجنبي ولتعويض العجز التجاري.
تبرّر الحكومات المتعاقبة سياسة التداين بالأزمة الاقتصادية الخانقة، فما صحة ذلك؟
الخطاب الرسمي يدعي بأنّ اموال القروض تذهب للدعم  ولخلاص الاجور وهذا افتراء على الشعب يذكرنا بمغالطات نظام بن علي وهو احتقار للرأي العام ايضا اذ لايوجد اي احصاء رسمي يؤكد هذه الادعاءات ونحن نملك المؤيدات والمؤشرات التي تكذّبها .
رغم قيمة الدين المرتفعة تمادت حكومة الصيد بدورها في البحث عن قروض جديدة ماهو البديل في تصوركم؟
يجب استخلاص العبرة من التجربة السابقة عبر التحقيق في الديون عوضا عن الهروب الى الامام والتسبب في ازمة تسديد في السنوات القليلة المقبلة وهو ما دفع صندوق النقد الدولي الى لفت انتباه الحكومة التونسية  وتحذيرها من مغبة المضي في سياسة التداين والإفلاس .
البديل ممكن ونحن اقترحنا اعتماد منوال تنمية آخر يبدأ باتخاذ اجراءات على مستوى مراجعة جذرية  للتداين الخارجي وعدم استسهال هذه السياسة  الى جانب ضرورة فرض سياسة جبائية جديدة تلزم اصحاب المهن الحرة باداءات تتماشى مع مداخيلهم اضافة الى فرض شكل جديد لهذه الضرائب على الاثرياء إلى جانب تعليق خلاص الديون إلى حين تحسن الظرف الاقتصادي. فضلا عن تحسين الأجور لتسريع الدورة الاقتصادية ودعمها بموارد جديدة وبتطوير المبادلات.
بماذا تفسرون غياب خبراء الجبهة في نقاش برنامج الحكومة الاقتصادي؟
في اعتقادي ليس لحكومة الحبيب الصيد توجه اقتصادي ولا توجه اجتماعي او بالأحرى توجه هذه الحكومة مسطر ومحدد منذ ربع قرن تقريبا في اطار السياسة الليبرالية ويتم تحديد نسق ذلك من خلال المؤسسات والقوى المتحكمة في القرار السياسي والسيادي وهي تحديدا صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي والبنك الافريقي للتنمية. فهي حكومة تنفيذ برامج وتوجهات قائمة ليس بيديها ان تغيرا او ان تقف ضدها.
ماهو البرنامج الذي تسعى حكومة الصيد لتطبيقه؟
هذه الحكومة تشتغل على برنامج اشرف على صياغته المهدي جمعة مرتبط بالاساس بميزانية 2015 التي اعدتها الحكومة السابقة وحتى الميزانية التكميلية فان دور حكومة الصيد يقتصر فيها على الجانب التقني التعديلي المرتبط بالمصاريف وموارد الميزانية.
هذه الحكومة سلطة تنفيذية من المفترض ان تنفذ برامج الحزب الفائز في الانتخابات ولكن الاشكال يتلخص في ان الاحزاب الحائزة على الاغلبية في مجلس نواب الشعب لاتملك برنامجا اقتصاديا واجتماعيا حقيقيا عدا برامجها الدعائية الاستهلاكية لذلك فان هذه الحكومة ليست بصدد تطبيق برنامج نداء تونس او برنامج النهضة بل برنامج المؤسسات المالية الثلاث والاتحاد الاوروبي وفيما يتعلق بالسلطة التشريعية شاركنا في اطار التشاور حول الحكومة في هذا المسار وقدمنا مقترحات تعديلية رفضها الحبيب الصيد وهو ما ينفي الحديث حول رفضنا في الجبهة لما يتعلق بهذه الحكومة.
هل كانت هناك مساع لاستبعاد الجبهة من رئاسة لجنة المالية بمجلس نواب الشعب؟
الاكيد انه كانت هناك مساع ومناورات ومحاولات لاستبعاد الجبهة الشعبية من رئاسة لجنة المالية والتخطيط والتنمية التي سنها الدستور في الفصل 60 واقر اسنادها الوجوبي للمعارضة نظرا لأهميتها وما تحتويه  من مواد تعنى بالضرائب والجباية وبالميزانية وبالقروض والعلاقات المالية الخارجية وتعنى بالقطاع العام فكل المؤسسات العمومية تقع تحت سلطة نظر هذه اللجنة والقطاع البنكي.
ومحاولة اقصاء الجبهة من هذه اللجنة قبل تعيين المنجي الرحوي على رأسها  هو في الحقيقة محاولة لمواصلة الفصل الاول من الاقصاء المتعلق بالحكومة وستتواصل محاولات الاقصاء مواصلة لنفس السياسة  التي تستهدف بصفة مباشرة الجبهة الشعبية ولكن اعتقد ان غايتها الحقيقية تلجيم وخنق كل الاصوات المعارضة او المستقلة او التي تملك تصورات مختلفة عن السياسات المفروضة من الخارج حتى يتسنى تحت غطاء الوحدة السياسية «المقدسة» تطبيق اجندات القوى المهيمنة على العالم. هذه السياسات اكتوى بنارها الشعب التونسي ولاتزال هناك مساع لاعادة فرض الاستبداد السياسي ولتأبيد منطق ليبرالية السوق او ديكتاتورية السوق ولخلق فكرة ان ليس بالامكان تحقيق افضل مما كان على المستوى السياسي خاصّة وأنّ المعارضة اليوم تنحصر في مجلس نواب الشعب في الجبهة الشعبية ومجموعات اخرى وهو ما ينبئ بأيام عصيبة على المستوى السياسي.
ماهي الانعكاسات السلبية لسياسة التداين؟
يجب أن يعي التونسيون الانعكاسات الخطيرة التي يتسبب فيها تمادي الحكومات التونسية منذ أكثر من نصف قرن في إغراق البلاد في الديون وأهمّها رهن سيادة البلاد إلى جانب التأثير المباشر في الحياة اليومية للمواطن عبر غلاء الأسعار والتشدد في زيادة الأجور. والأخطر هو دعاية السلطة التي تظهر هذه القروض على أنّها المنقذ والحل الوحيد للبلاد.

حاوره: حمزة الحسناوي